عبد الناصر والاقطاع

عبد الناصر والاقطاع ........ د. عاصم الدسوقي
التاريخ: 9-5-1430 هـ
الموضوع: د. عاصم الدسوقي

الخميس, 30 أبريل 2009 00:32

من جريدة الأنوار
http://al-anwar-eg.net

جبرتي العصر
يعتقد خصوم عبد الناصر أن قانون الإصلاح الزراعى الذى أصدره فى 9 سبتمبر 1952 جريمة كبرى لأنه أخذ الأرض من أصحابها دون وجه حق ووزعها على الفلاحين في مساحات صغيرة مما حال دون استخدام

الميكنة في الزراعة التي تتطلب مساحات كبيرة.. إلخ. وهذا النقد يأتي من باب الافتراء على الواقع والاجتراء على حقيقة الأمور فالأراضي التي تم الاستيلاء عليها أخذها أصحابها أصلا في شكل منح وعطايا وهبات دون أن يبذلوا حبة عرق في زراعتها. فقد خصص محمد علي باشا مساحات كبيرة لكبار رجال الحاشية وكبار

الموظفين وبعض الأجانب وبعض رؤساء البدو سميت بالأبعادية، ومنح قرى بأكملها لأفراد أسرته (الأمراء) عرفت بالجفالك ثم بالتفاتيش. كما منح كل شيخ قرية 5% من زمامها عرفت بمسموح المشايخ، و5% أخرى للأعيان عرفت بمسموح المصاطب يزرعها لهم الفلاحون سخرة.
وقد ترتب على تلك العطايا سوء توزيع الملكية حتى أنه في عشية عام 1952 كان أقل من 1,% من إجمالي الملاك يملكون 30% من الأرض (أكثر من 200 فدان)، و 94,3% يملكون 35% من إجمالي المساحة (أقل من خمسة أفدنة). أما القول بأن الإصلاح الزراعي حال دون استخدام الميكنة فأمر بعيد عن حقيقة الأمور ذلك أن أصحاب تلك المساحات الكبيرة كانوا يؤجرونها في مساحات صغيرة بشروط مجحفة استفادة من العرض والطلب.
فإذا كان الوالي محمد علي وأولاده سمحوا لأنفسهم بتوزيع الأرض منح وعطايا وأوجدوا طبقة اجتماعية مدينة لهم بالولاء فلماذا لا يقوم عبد الناصر بإعادة توزيع الأرض لتوسيع حجم طبقة صغار الملاك ومتوسطيهم، وتقليل طبقة المستأجرين والأجراء والمعدمين الذين بلغت نسبتهم 44% عشية 1952 وهي نسبة انخفضت بفعل الإصلاح الزراعي إلى 30% عام 1961، ثم إلى 28% عام 1965، ، فضلا عن أن إعادة التوزيع استهدف تجريد الطبقة التي حكمت مصر من سلاح قوتها ومنع سيطرة رأس المال على الحكم.
وبعد رحيل عبد الناصر ارتفعت نسبة المعدمين مرة أخرى إلى 33% وأخذت في الازدياد وتكفلت سياسة الانفتاح بإفقار الريف حيث سادت العلاقات الرأسمالية من خلال بنك القرية (1977) وانتهى دور الجمعية التعاونية، وتم إلغاء الدعم على مستلزمات الزراعة في 1987 فارتفعت تكاليفها، وتعدلت العلاقة الإيجارية في 1992 فارتفع إيجار الفدان إلى22 مثل للضريبة خلافا لقانون الإصلاح الزراعي وأقدم بعض الملاك على طرد المستأجرين.
هل كفر عبد الناصر لمجرد أنه أراد تقريب الفوارق بين الطبقات وإقالة الفقراء من عثرتهم !!
د. عاصم الدسوقي