أوراق نـاصــريــة الـنــاصــريــة وأزمـتـهـا في العمل من عام 1952 - 19

أوراق نـاصــريــة
الـنــاصــريــَّة وأزمـتـهـا في العمل من عام 1952 - 1970

تفجرت ثورة يوليو 1952 في وسط ظروف صعبة ومعقدة سواء على المستوى الإقليمي والدولي فكانت الثورة الوحيدة إقليمياً ودولياً فيما بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى معسكرين بزعامة الاتحاد السوفيتي وأمريكا بعد انهيار الإمبراطوريات السابقة الانكليزية والفرنسية وحلفائهما من الدول الأخرى .
فالناصرية جاهدت وعملت ضمن مناخ عربي ودولي في غاية الصعوبة والتعقيد وفي ظل صراع جاد ما بين المعسكرين الغربي والشرقي .
1- كانت الناصرية أول ثورة تتفجر في داخل الوطن العربي وليس لديها الخبرة العملية والممارسة السابقة للحكم ولذلك كانت تفتقر إلى القدوة وإلى تجارب الغير .
2- كانت الدول العربية تحت المظلة الاستعمارية المطلقة بمساعدة أنظمة عشائرية تقليدية يعلوها الجهل والتخلف لتحافظ على امتيازاتها بتحالفها لخدمة الاستعمار وأعوانه وقواعده العسكرية المنتشرة في أرجاء الوطن العربي .
3- كان الوطن العربي يسوده الفقر والجهل والتخلف نتيجة استعماره السابق ولم يعرف الثروة بعد وكانت ثرواته الاقتصادية تحت سيطرة الأجانب , النفط ، قناة السويس ، وموارده الاقتصادية الأخرى .
4- انقسام العالم بعد الحرب العالمية الثانية إلى قسمين تحت مظلة : 1- أمريكا . 2- الاتحاد السوفيتي .
وكانت سياسة الاستقطاب للدول فيما بين المعسكرين على قدم وساق لتحقيق أهدافها .
5- اغتصاب الكيان العنصري الصهيوني لأرض فلسطين العربية .
6- اتصفت تلك الفترة بانتشار سياسة الأحلاف والقواعد العسكرية لتسيطر كل دولة على أكبر مساحة ممكنة من العالم .
7- احتكار السلاح كان يعطى لحلفاء تلك الدول للسيطرة وللحفاظ على مصالح الطرفين .
8- وكان الاستعمار يسيطر على إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ولا يوجد بها دولاً مستقلة على ضوء ما تقدم كانت ثورة يوليو الناصرية 1952 وحيدة هي الساحة الدولية مكللة بمهام صعبة ولإرساء مفاهيم جديدة في القاموس السياسي العربي الدولي لوضع الأساس لسياسة دولية جديدة لتطوير بنية النظام العربي والعالمي على عكس ما كان موجوداً ولقد بدأت الناصرية :
1- بمحاربة الاستعمار في الوطن العربي وخارجه وبمساعدة حركات التحرر بالعالم لنيل الاستقلال .
2- إسقاط الأحلاف العسكرية وكشف دورها التآمري .
3- تأميم قناة السويس .
4- كسر احتكار السلاح والذي بدأته الثورة 1955 .
5- إنشاء وتكوين منظمات إقليمية ودولية لمحاربة الاستعمار وأعوانه على امتداد الساحة الدولية والعربية .
6- تحريض ومساعدة شعوب العالم للتحرر وطرد الاستعمار لنيل استقلالها وكان لإذاعة صوت الوطن العربي (صوت العرب) دوراً رئيسياً وفاعلاً داخلياً وخارجياً لتثوير الجماهير للحصول على استقلالها السياسي والاقتصادي .
7- إنشاء دول عدم الانحياز والحياد الايجابي للوقوف في وجه المعسكرين الغربي والشرقي .
8- تحقيق الوحدة العربية في عام 1958 ما بين سوريا ومصر ولكنها اجهضت في عام 1961 وتم التأمر عليها ما بين الأحزاب المدعية القومية و التقدمية والأنظمة ذات الامتدادات والارتباطات الخارجية لخدمة المشروع الصهيوني العنصري .
9- العمل على إقامة نظام اقتصادي وسياسي مستقل وبعيداً عن التبعية والارتباط بالخارج .
10- التعاون مع دول العالم الثالث لإقامة جبهة وطنية بوجه المعسكرين وبناء اقتصاد دولي مستقل .
11- إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتحرير فلسطين من الكيان العنصري الصهيوني .
إن الثورة الناصرية حركة اعتراض على الواقع الإقليمي والدولي لأن ما تبنته من رؤى وأفكار ما هو إلا لوضع أسس لبناء جديد اقتصادي وسياسي واجتماعي بدأً من جمهورية مصر العربية وانتهاء بالعالم أجمع .
فالثورة الناصرية نقطة تحول في تاريخ دول العالم لما كانت تعمل به لتحقيقه ولذلك حوربت وتم التآمر عليها من النظام العربي الرسمي وأتباعه والقوى السياسة والأحزاب ذات الشعارات المرهونة للخارج ودول مرجعيتها خارجية تعمل كما يريد سيدها المستعمر أو من الخارج بقيادة الغرب وأمريكا والصهيونية .
فالناصرية وحدت ما بين أهداف الثورة الوطنية والثورة الاجتماعية أي الاستقلال بقسميه السياسي والاقتصادي لأنه لا يرسخ إلا على أساس العدالة الاجتماعية بإعادة توزيع ملكية وسائل الإنتاج والدخل لتصفية الطبقات الاستغلالية ولتلبية مطالب الطبقات الشعبية ( قوى الشعب العامل ) بسيطرتها على وسائل الإنتاج واستلام السلطة السياسية لاستمرار الثورة وبسيطرتها على مواردها الاقتصادية لتطوير اقتصادها بيدها وتحت سيطرتها ليكون مركز القرار داخلياً وليس خارجياً فالناصرية هي طريق التقدم لكونها الإرادة السياسية القومية للشعب العربي .
لأن العالم يشهد صراعاً حاداً وانقساماً ما بين الدول الكبرى وأصبحت المجتمعات البشرية رهينة لعملية الاستقطاب والسيطرة لكليهما وانعكس ذلك على وطننا العربي لما يتميز به من موقع جغرافي وبما له من دور تاريخي في الصراع الدولي وبما يمتلك من موارد وإمكانيات لكونه أكثر المناطق بالعالم حساسية تجاه الظروف والمتغيرات الدولية بما تحمل من رؤى وأفكار سياسية واقتصادية لتوطينها في الوطن العربي تحت شعارات خالية من الهدف والمضمون لخدمة المشروع الأمريكي الصهيوني .
فالناصرية بمشروعها القومي الحضاري تواجه تلك الهجمة الخارجية بترسيخ مبادئها ومشروعها لإسقاط وإفشال ما هو قادم إليها وبرفض مشاريع السلطان الجديد القديم أوباما ومماليكه الجدد القدماء .
فالمشروع القومي الناصري هو السد المنيع لحماية أمتنا ووطننا العربي من التآمر والخيانة .
د. سعيد مسالمة