مصطلحات قومية عربية مهمة

مصطلحات قومية عربية مهمة

نشأ الفكر القومي العربي داخل الوطن العربي ومن ابناء الشعب العربي، ليعبر عن همومهم و آلامهم و تطلعاتهم في الوحدة و الحرية و الحياة الأفضل لكل أبناء الشعب ، ولذلك فإنه من الضروري أن يتعرف الشاب العربي إلى مصطلحات أساسية يقوم عليها بناء النظرية القومية العربية ، كي يعرف الشاب العربي هويته و شخصيته التي تميزه عن غيره من البشر ، دون أن ينتقص من كرامة أي من القوميات و الشعوب الأخرى ، ولذلك سيكون البحث حول الوطن العربي والشعب العربي و معنى القومية العربية .

1- الوطن العربي :

لقد أكد كثير من علماء الجغرافيا والتاريخ والاجتماع والسياسة والاقتصاد أن هذا الاقليم يشكل وحدة طبيعية مؤلفة من مجموعات متجانسة الاجزاء وواضحة المعالم لا يفصل بينها أي فاصل طبيعي , مما يمنحها شخصية جغرافية متميزة عن كل بقاع العالم الاخرى .

فالوطن العربي هو كيان جغرافي يقع في جنوب غربي القارة الاسيوية وفي القسم الشمالي من القارة الافريقية يحده من الشرق الخليج العربي وجبال زاغروس التي تهيمن على سهول دجلة والفرات, ومن الجنوب المحيط الهندي ومرتفعات اثيوبيا وسلسلة الجبال الجنوبية الغربية في السودان(سلسلة جبال مرة) وجبال ليبيا الجنوبية (تيبستي) والجزائر (الاحجار) والمنخفض الصحراوي ونهر السنغال.
أما من الغرب فيحده المحيط الاطلسي ومن الشمال البحر الابيض المتوسط وسلسلة جبال طوروس والمرتفعات الاناضولية, والمسافة من أقصى الشمال(الحدود السورية التركية العراقية) الى الجنوب (السودان) 4800 كم , والمسافة من أقصى الشرق (الخليج العربي) الى أقصى الغرب (المحيط الاطلسي) تقدر ب 8000 كم على مساحة 11,5 مليون كيلو متر مربع, يقع 28% منها في اسيا و72% في افريقيا.

والوطن العربي محصور بين خط عرض 38 و خط 3 شمال خط الاستواء وبين خط طول شرقي 59 (رأس الحد من السعودية) الى خط طول غربي 17 (ميناء اتيهان في موريتانيا).

ويوجد حول الوطن العربي كيانات سياسية متعددة تحيط به – في الشمال تركيا وفي الشرق ايران, واثيوبيا وكينيا و اوغندا وزائير وجمهورية افريقيا الوسطى والتشاد والنيجر ومالي والسنغال في الجنوب, أما عدد السكان سنة 2006 هو 300 مليون نسمة وهناك العديد من الاقليات القومية من اصحاب البلاد – الاكراد ,البربر, النوبيون ومن الوافدين اتراك عجم وارمن وشركس .

والوطن العربي له أهمية كبرى استراتيجية وجغرافية وسياسية واقتصادية جعلته من اهم بقاع الارض، فالوطن العربي وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأي قطر من الاقطار العربية ان يستكمل شروط حياته منعزلا" عن الآخر،و الوطن العربي للعرب ، ولهم وحدهم حق التصرف بشؤونه وثرواته وتوجيه مقدراته دون الخضوع لأي قوى خارجية .

2- الشعب العربي :

مجموعة تالفت في وطن واحد وتجانست خلال مراحل تاريخية ، فأصبحت لها لغة مشتركة وتاريخ مشترك وتراث ثقافي وتكوين نفسي مشترك بالاضافة الى مصالح اقتصادية مشتركة وبذلك تبلور شعورها بشخصيتها المتميزة ومصالحها القومية الخاصة.

وبالرغم من ان الشعب العربي عانى من حكم شعوب مختلفة مثل المغول والاتراك والاوروبيين فهو يشكل وحدة تاريخية متمازجة بفضل عوامل الوحدة: الاصل ، وحدة اللغة ، التاريخ المشترك ، الوطن والارض ، الدين والعادات والارث الثقافي , النضال المشترك والمصير الواحد ، فالعربي هو من كانت لغته العربية ، وعاش في الارض العربية او تطلع الى الحياة فيها ، وآمن بانتسابه الى الامة العربية .

القومية :

لهذا المصطلح جذر لغوي هوكلمة (قوم) والقوم جماعة من الناس تجمعهم رابطة معينة لاسيما رابطة النسب المشترك- اما من حيث الدلالة السياسية فان مفهوم القومية يرتبط بمفهوم الامة ويعني (الانتماء) اليها .

فالقومية العربية هي تلك الرابطة القوية التي تجمع العرب ، الذين يقيمون على أرض الوطن العربي ، و أولئك المهاجرون خارجه ممن لم ينقطع ارتباطهم الشعوري بأبناء أمتهم داخل الوطن ، فالقومية حقيقة حية خالدة ، و الشعور القومي الواعي الذي يربط الفرد بأمته ربطا" وثيقا" هو شعور مقدس ، حافل بالقوى الخلاقة ، حافز على التضحية ، باعث على الشعور بالمسؤولية عامل على توجيه انسانية الفرد توجيها" عمليا" مجديا" .

و الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة ، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والاقليمية ، حيث يقول المفكر القومي العربي الأستاذ أحمد ميشيل عفلق : " إن القومية العربية لا تقوم على أساس عنصر أو دم ، و إنما على أساس تاريخ و ثقافة مشتركة و لغة واحدة و مصلحة مشتركة في الحياة معاً و في الدفاع عن وطن واحد و العمل لبناء مستقبل واحد ".

نلاحظ مما سبق أن القومية العربية تقوم على عدة أسس ، هي الأصل و التاريخ المشترك للعرب ، و اللغة ، و التي تشكل قاعدة للثقافة العربية المشتركة لكافة أبناء الأمة العربية ، و الأرض ، و هي الوطن العربي الذي يقوم عليه نشاط أبناء الأمة العربية على مر العصور ، و الإيمان بالإنتماء للأمة و الإفتخار بتاريخها و منجزاتها الحضارية ، و التطلع لخدمة الأمة على أكمل وجه و الشعور بالمصير المشترك لأبناء الأمة العربية في مختلف أقطارها .

لكن هذه القومية العربية تختلف عن القوميات الأخرى من حيث النشأة و الأسس التي نشأت عنها ، فهي ليست عرقية بحتة كما هي القومية الجرمانية في المانيا النازية ، و ليست كالقومية الفرنسية و التي نشأت من الشعور بالمصالح المشتركة و التي ظهرت بعد الثورة الفرنسية ، و ليست قائمة على لغة مشتركة فقط كما هي حال قوميات أخرى ، لذلك شهد التاريخ لهذه القوميات بأنها سعت للتوسع على حساب غيرها من القوميات كي تحافظ على مصالحها و وجودها ، أما القومية العربية فهي قومية ذات رسالة انسانية ، تسعى إلى ايصالها للبشرية جمعاء ، و هذا ما يؤكده تاريخ العرب على مد العصور ، فلقد قدمت حضارات بلاد الرافدين و حضارات بلاد الشام العربية الكثير من الإنجازات الحضارية للعالم ، و لم تقم بالتوسع على حساب حضارات أخرى ، و لم تسع لهدم القوميات و الحضارات الأخرى ، بل أسهمت في دفع عجلة التقدم الحضاري للقوميات الأخرى ، و هذا ما فعله العرب أيضاً خلال فترة الحكم العربي الإسلامي ، من خلال نقل الحضارة إلى دول أوروبا ، التي كانت تعيش في عصور من التخلف و الجهل و الظلام ، من خلال مدينتي صقلية في ايطاليا و قرطبة في الأندلس ، و التان كانتا تعدان منارتين للعلم في أوروبا القديمة .