أخجل من الوقوف أمام قبرك

جاء سبتمبر الحزين متثاقلا يعلم أنه يجر فى أذياله حملا ثقيلا من ذكريات مؤلمة لايبرد لهيبها مهما مرت السنين .. حلت ذكرى الوفاة واستعد المحبون لإحياء الذكرى وزيارة الضريح لقراءة الفاتحة وتجديد العهد ، لكنى لن أستطيع أن أفعل مثلهم .. لن أستطيع أن أشاركهم حفل التأبين السنوى لرجل لم يجود الزمان بمثله .. لن أستطيع الوقوف أمام الضريح الذى يضم بين جوانحه جسدا كان يمكنه لو طال به العمر أن يغير خارطة العالم ومستقبل الوطن

لن أستطيع سيدى أن أذهب معهم فأنا أخجل من الوقوف أمام قبرك

عندما فعلتها يوما ووقفت أمام ضريحك فاجئتنى عينيك تطل علينا من حيث ترقد وقد استبدل بريقها بحزن ممزوج بغضب وملئ بالعتاب ، تحمل نظرتك أسئلة تنتظر الاجابة
صك أذنى صوتك قادما من بعيد وقد خلى من رنته المحببة وهو يسألنى ، ماذا فعلتم للحفاظ على الحلم الذى وهبت عمرى له؟ ماذا قدمتم للحفاظ على ماتحقق منه واستكماله ..وهو الحلم الذى تشاركنا فيه والتففنا حوله وبذلنا الغالى من أجل تحقيقه ؟
لماذا لم تبذلوا الدم الذى وعدتم لاستمرار مشروع نهضة شاملة بدأناه لوطن حلمنا سويا أن يكون فوق الأمم ؟ كيف أضعتم حقوقكم بكل تلك البساطة وتنازلتم عن انجازات كانت تحمل لكم ولأولادكم مستقبل به من العزة والكرامة مايجعلكم خير الأمم؟ أين ذهبت الشمس العربية التى أقسمتم ألا تغيب مادمتم أحياءا ترزقون ؟ هل كان يعنى هتافكم بالروح بالدم نفديك ياجمال أنكم تعنون أى جمال يجلس على كرسى الحكم مهما كان حلمه وهدفه ؟ ظننتكم تهتفون لمايمثله جمال من حلم لكم ومشروع امتلكتم زمامه ووطن قطعنا سويا خطوات طويلة فى سبيل نهضته
لم أكن أعلم أن أنشودة "الوداع ياجمال" العفوية التى ودعتمونى بها كانت رسالة لى ولكم وللعالم من حولكم أنكم ودعتم حلمكم وواريتموه التراب معى

ثم .. شاهدتك وأنت تولينى ظهرك ذاهبا فى طريق يغمره نور ساطع لاأستطيع أن أفتح عينى فيه ..زاهدا عن سماع إجابة لاأملكها أو عذرا لايغفر ذنبا وتركتنى فى ظلام أسعى حتى اليوم لأن أخرج منه .. تركتنى وأنا خجلة حزينة وعازمة ألا أقف أمامك بعدها إلا وقد حاولت بكل ماأستطيع من جهد أن أضع ولو طوبة فى طريق إحياء المشروع الذى بنيناه معا ، المشروع الوحيد الذى يمكننا به استعادة كرامتنا ونهضتنا ووحدتنا ومكانتنا

وحتى ذلك اليوم .. عذرا حبيبى أبا خالد .. لن أكون هناك