الفساد في الــبــلاد .... الله يرحمك يا جمال

[b]الله يرحمك يا جمال
الفساد


فطنت ثورتنا المجيدة لأرتباط الانسان المصرى الشديد
بأرضه ... ووطنه
فقد كانت الارض والزراعه هى كل حياته
يصحى مع شروق الشمس ليذهب الى طينه وزراعته
ولا يعود الى دارة إلا مع غروبها

فى حركه مستمرة دؤوبه
لا ملل فيها

لذلك عملت ثورتنا على زرع هذة القيم فى فلاحينا
فتغنى المصريون بحب الارض والوطن والعمل

وكان اهم تلك الاغنيات
والتى اثرت كثيرا فى وجدان الشعب المصرى
فلاحين
وعمال
وجنود
وطلبه
ودكاترة
ومهندسين

اوبريت " عواد"

هذا الفلاح الذى اضطر لبيع "ارضه"
فعايروة ببيع شرفه ...

فهكذا صورت الثورة
الارض بالعرض والشرف
وبينت رفضها لبيع الانسان أرضه وهى عرضه وشرفه
ولو بكنوز الدنيا كلها

وهكذا حددت الثورة اتجاهاتها
وموقفها من شعبها

وبسببها ارتباط الانسان المصرى بأرضه
وتعلم منها ... وعرف منها ...
المعنى الحقيقى للأستقرار والأمن

وعلى النقيض من ذلك
كان هناك تجمعات انسانيه أخرى على الحدود
منها العدو
ومنها الصديق
تختلف عندهم معايير الارض والطين
عنها عند المصريين

فالتجارة وشطارتها هى كتابهم المقدس

ومما هو معروف
فأن التجارة تستلزم وجود ... سلعه ...
يتم شرائها ... من اجل بيعها ...
ومن ثم الحصول على فرق سعر بين العمليتين
أطلقوا عليه لفظ " الربح"

ولم يتوقف هذا الربح ... فى مفهومهم ... على سلعه محددة دون غيرها
بل كل شىء عندهم قابل
للشراء
والبيع
مقابل هذا الربح

يتساوى فى ذلك
شراء وبيع الوطن ... أوالانسان
او شراء وبيع البصل والفجل أوالباذنجان

المهم هو
اتمام عمليتى البيع والشراء وتحقيق الارباح

وكانت اهم عمليه بيع وشراء تمت بنجاح فى القرن العشرين هى
فلسطين الحبيبه

حيث نجحوا فى شرائها
ثم باعوا لنا وهم السلام
ليربحوا بعدها
سيادتهم المطلقه على وطننا العربى

كان من الطبيعى
ان يغيروا مفاهيمنا
او ان نغير نحن مفاهيمننا
فالمحصله واحدة

فشطارة الربح ..
أثبتت تفوقها على شطارة الحفاظ على العرض والشرف
وبعد ان كنا نغنى عواد باع ارضه
شوفوا طواله وعرضه
أصبحنا نغنى ألحان الهجرة من الارض
"مراسيل"
"وكله فى الموانى"
"ويا مسافر وحدك"
" وأمريكا شيكا بيكا"

وكلها أغان تذكرنا بالهجرة والغربه
وما فيها من الالام الفراق والوحدة

أصبح العامل يريد الهجرة
والفلاح يريد الهجرة
والطبيب يريد الهجرة
والمهندس يريد الهجرة
والمدرس يريد الهجرة

وفجأة
أصبحت مصر كلها أما مهاجرة
أو تريد الهجرة

حتى ولو باع المهاجر ارضه
وشرفه
وعرضه
وملايه سريرة
ثمنا لهذة الهجرة

ولم يعد هناك ارتباط
لا بالأرض
ولا بالوطن
ولا بالجار

فقد تحولت مصر كلها الى سوق خردة كبير
كل ما فيها معروض للبيع
وبأى سعر

يتساوى فيه بيع
شرف الارض (الخيانات والتجسس)
او شرف الزميله او الجارة (الزواج العرفى)
او شركات عمر افندى الحديد والصلب او بيع المصنوعات
( بيع القطاع العام)
او بنك القاهرة

المهم هو "بيع يا مرسى"
ومرسى هذا يبيع .. ويبيع .. ويبيع
فهو يبحث عن السبوبه
والسبوبه حتجيب حبوبه
والحبوبه عاوزة فيلا فى مارينا
ومارينا عاوزة ملايينا
والملايين تيجى بالسبوبه
والسبوبه حتجيب حبوبه
والحبوبه ............

وأصبحنا نسمع ونقرأ
عن الزواج السرى لمشاهيرنا
وتنقلات الحبابيب مع تناقل الثروة وما فى الجيب

وأصبح الكل يبحث عن ضربه الحظ التى سترفعه فوق السحاب
وعن السيارة الهامر ... وشاليه الساحل ... وفيلا الرحاب

وفى سبيل ضربه الحظ هذة

ما المانع من بيع اثاث الأسرة
ثمنا لربع متر فى مركب شراع
يبحر وسط الظلام ... نحو المجهول
يعود بعدها المركب وحيدا

ولا احد يعلم
على اى أرض رست مجاديفه
ولا أين رمت الاقدار ركابه

ايطاليا
ولا اليونان
ولا قاع البحر الابيض المتوسط
فلا أحد يعرف
ولا أحد يهتم

فالركاب مخلوقات هاربه
والهارب لا ديه له
لا أحد يسمع عنه ..
ولا احد سيهتم بغيبته

سواء وصل لأيطاليا او لليونان
او قذف به صاحب اللنش لظلمات الامواج
فالموج عالى وحموله اللنش ثقيله
وبحارة المعلم لا قلب لها أمام أوامرة

فلا نعلم كم سافر
ولا كم وصل
و لا كم أصبح منهم طعاما للأسماك

مالذى تغير فينا يا خلق

لماذا منعوا اذاعه
عواد باع ارضه ياولاد
ودقت ساعه العمل
وصورة
وحكايه شعب
ومصر التى فى خاطرى وفى دمى
ويا اغلى أسم فى الخلود

وكلها تستفز مشاعرنا
على الحفاظ على ارضنا وعرضنا وشرفنا
وعلى ان بلدنا فى حاجه الى عرقنا وعملنا وجدنا

ومما زاد الطين بلة
لا مبالاة دولتنا نحو سلبيه مشاعر الانتماء والولاء للوطن
والتى واكبتها صدمه عودة العماله المصريه من دول الخليج
وأصطدامها بنسبه بطاله رهيبه لم تشهدها مصر منذ أن خلقها الله
وفى الارتفاع الرهيب للاسعار
الذى لايعلم مدى تأثيرة إلا الله

ومع هذا
كان من الممكن لهذا الشعب الصابر المثابر
أن يربط الحزام على البطون
وأن يصبر على البطاله والجوع
لو شعر بالمصدقيه نحوة
وان هناك من يحس به
وبعطشه

وأن الدوله تعمل بشفافيه
من أجله
ومن أجل مستقبله ومستقبل ابنائه

ولكنه على النقيض من ذلك
وجد حكوماته تتبدل و تتغير .... بدون اسباب
فى الوقت الذى لا تتوقف فيه قوافل المهاجرين
السوبر لوكس من البلاد

بتذكرة ذهاب درجه اولى بلا عودة
وشيك مصرفى فى جيوبهم
وخبر صغير فى جريدة يعلن هروب مفاجىء
لرجل اعمال
أقترض 10 مليون دولار .... وفص وملح ذاب
بعدما اشترى لمدير البنك قصر فى اكتوبر
وفيلا فى الرحاب

ولا عزاء فى الاموات
فهم ولاد ستين ... وطماعين اوغاد

هكذا قال مفتى البلاد[/b]