مناشدة لنصرة الفلاحين محمد محمود رفعت أمين عام حزب الوفاق القومي

مناشدة لنصرة الفلاحين
محمد محمود رفعت
أمين عام حزب الوفاق القومي

كم كنت أتمني الكتابة لجريدتنا العزيزة منذ زمن، ولكن شاء حظي أن أنشغل عنكم بقضايا أري أن الواجب يحتم علينا مواجهتها، بل هي فرض عين علي كل ناصري مؤمن بفكره ومعتقده.. والقضية التي أري لزاما علينا جميعا مواجهتها هي عودة الإقطاع مرة أخري بضراوة وشراسة وفي حماية سلطة بل سلطات تقدم له كل التسهيلات.

وقد آلت سلطة الحكم علي نفسها منذ أنور السادات ومن جاء بعده إلا أن تشن الحرب علي شعبنا بكل ماتستطيع من قوة وصولا إلي أن تكون أمريكا هي من يملك أوراق اللعبة، وأن تكون حرب أكتوبر آخر الحروب، والتسليم للعدو الصهيوني، وغير ذلك من أمور أخطرها معاداة ثورة يوليو ومنجزاتها وتوجهاتها وقائدها وإطلاق مصطلحاتهم بما يناسب توجهاتهم فقد صارت الخيانة لديهم وجهة نظر، والاستسلام عقلانية، والتفريط في العرض والشرف والكرامة أمرا قابلا للتفاوض والحوار بل أمرا قابلا للتقدير بالثمن.وقد كان.
فالثورة التي قام بها شعبنا للقضاء علي سيطرة رأس المال علي الحكم، وصل بنا الحال في عهد الردة إلي أن أصبح رأس المال هو الذي يحكم مباشرة دون وسيط، والثورة التي قامت من أجل إقامة حياة ديمقراطية سليمة وصل بها الحال في زمننا أن أصبحت الديمقراطية هي أن تصرخ من الجوع أو من عصا الأمن المركزي، وأصبح احتلال الإرادة بديلا لاحتلال الأرض.. وهكذا حتى أنه لم يعد في بلدنا مما قامت الثورة من أجله إلا القضاء علي الإقطاع العائد اليوم بفلوله من تحت الأرض ينفث السموم ويطرد الفلاح من أرضه بعد أن طرد العامل من مصنعه والطالب من التعليم المجاني وحتى المريض من الحق في العلاج.
وأهلنا في ريف مصر يتعرضون لأكبر هجمة شرسة يقودها الحكم بكل أجهزته بلا استثناء.
وقصة الأرض في مصرنا هي رواية طويلة لتاريخ الظلم وتجسيد لواقع الطغيان.ففي مصر ومنذ الفتح الإسلامي لها علي يدي عمرو بن العاص عام 19 هجرية لم يك فردا يمتلك شبرا من الأرض فالأرض مال والمال مال الله الذي استخلف الإنسان عليه ليكون في منفعة الأمة لالمنفعة فرد أوجماعة دون باقي أبناء المجتمع فالأرض مال بيت المال وللفرد عليها حق الانتفاع والاستغلال دون حق التملك، ومصر منذ الفتح الإسلامي وحتى عهد محمد علي الذي أقام الترع والقنوات وشق المصارف وقسم الأحواض وأقام القناطر لم تعرف الملكية الخاصة إلا في عهد الخديوي إسماعيل ومن بعده قننها الخديوي سعيد فأصدر اللائحة السعيديه التي كانت أول تنظيم للملكية الخاصة للأرض في مصر، وحين تم تمليك الأرض في مصر تم تمليكها لمن أدوا خدمات للباب العالي رجالا أو نساء فكانوا سدنة الحكم وأدواته سواء كان الحاكم هو الخديوي أو كان ذلك برغبة سلطة الاحتلال، بل إن هناك عائلات اكتسبت ملكية الأرض بطرق نخجل من ذكرها لكونها تخالف الدين والأخلاق والوطنية.. ويبدوا أنهم مع مر الزمان نسوا كيف حصلوا علي الأرض التي وزعت عليهم دون جهد أو تعب فصاروا يجاهرون فلاحي مصر الشرفاء بالمطالبة بالأرض وطرد الفلاحين منها.
وكانت البداية يوم أصدرت الثورة المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 ( في سبتمبر 1952 أي بعد أقل من شهرين علي قيام الثورة ) بتحديد الملكية الزراعية ومصادرة الأرض الزائدة عن الحد المقرر في القانون وتعويض أصحابها عنها وتوزيعها علي صغار المزارعين والفلاحين وخريجي المدارس الزراعية وغيرهم من المعدمين.. أي أنها معادلة في غاية البساطة تمت مصادرة الأرض الزائدة عن الحد المقرر في القانون ودفع تعويض عنها لملاكها من الإقطاعيين وتوزيعها بأقساط علي صغار المزارعين.0وتلاحقت القوانين المنظمة للملكية الزراعية بعد ذلك حتى عام 1969.
وجاء زمن الردة مع حكم أنور السادات فأصدر قانونا بإنهاء الحراسة عن الممتلكات المفروضة عليها الحراسة سواء كانت أموالا أو عقارات وردها لأصحابها.. وألغي الدورة الزراعية وأنهي دور الجمعيات الزراعية وقام بضرب الزراعة المصرية التي اشتهرت مصر يوما بأنها سلة غذاء الدولة الرومانية لتدخل مصر سوق التقسيم العالمي فتزرع مالا تأكل وتستورد ماتحتاجه لطعامها.وبدأت حلقة جديدة بالإفراج عن الأرض الزراعية سواء تلك المصادرة أو الموضوعة تحت الحراسة ؟؟ وإعادتها بموجب خطابات إفراج من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ليتسلمها ورثة هؤلاء الإقطاعيين الذين آلوا علي أنفسهم إلا أن يطردوا الفلاح من الأرض لتعود تلك الأرض التي قبضوا ثمنها لملكهم مرة أخري.. وزاد نهم هؤلاء الإقطاعيين بعد إلغاء أبدية العقود الزراعية وأصبحت شأنها شأن شقق الإيجار عقودا محددة المدة.0فتحولت الشرطة لتهاجم هؤلاء الفلاحين في قراهم ليلا ونهارا لتنفيذ قرارات تسليم الأرض لورثة الإقطاع العائد، وتصدر النيابات قرارات بتمكين هؤلاء الورثة من تلك الأرض باعتبار الفلاحين غاصبين لحيازتها، وتصدر المحاكم أحكاما بطرد الفلاحين من أرض امتلكوها ودفعوا ثمنها وهكذا عاد الإقطاع علي أيدي حكام اليوم أكثر نهما وطمعا وشراسة مما كان عليه قبل الثورة.
والغريب.. أن الفلاحين لايجدون عونا من أحد ليقف بجوارهم في مواجهتهم فلا الإعلام يتحدث عن قضاياهم ولا الأحزاب تتخذ موقفا موحدا وحاسما لمواجهة تلك الهجمة الشرسة عليهم.. وأستطيع القول بحق أن حزبنا حزب الوفاق القومي يكاد يكون الحزب الوحيد الذي يقف في قضاياهم في المحاكم.ولكن هذا لايكفي.
الأمر جد خطير وعودة الإقطاع تعني القضاء علي مبادئ الثورة الستة فهو المبدأ الوحيد الذي مازال أثره قائما وقد آل الحكم علي نفسه إلا القضاء عليه.
ومن هنا كانت كتابتي لك مناشدة لكل ناصري مخلص ولكل وطني شريف ولكل مؤمن بعدالة قضية الفلاحين أن يقف بجوارهم مدافعا عنهم.. فهم يستحقون أن نقف بجوارهم اليوم، ولعل كلماتي إليك تكون رسالة لكل من يهمه الأمر فلاحو مصر في أشد الحاجة لوقفتنا معهم.