جريدة الشروق
تتعرض بحيرة المنزلة ببورسعيد لعملية تخريب وتدمير متعمد ومستمر للثروة السمكية بشكل يومى تحت سمع وبصر جميع الجهات الرسمية المختصة والمسئولة عن حماية بحيرة المنزلة كهيئة الثروة السمكية منطقة شمال أو شرطة المسطحات المائية أو تقاعس وتجاهل من جانب الجهات التنفيذية بمحافظة بورسعيد.

أعطى ذلك التقاعس الفرصة لمجموعة من عصابات البلطجة من المطرية والمنزلة بمحافظة الدقهلية بوضع يدهم على مياه البحيرة بقوة السلاح وفرض سيطرتهم على أرضها وإقامة مزارع سمكية خاصة غير قانونية واستيلائهم على أراضى لإقامة كافتيريات على الطريق الدائرى اتجاه ـ نحو ـ دمياط بدون تصاريح رسمية.

هذا إلى جانب عدم تطهير وتكريك بواغيز الجميل غرب بورسعيد وقناة الاتصال بجنوب بورسعيد هذا وتتعرض له بحيرة المنزلة من تلوث صناعى بسبب قيام مصانع الكيماويات بإلقاء مخلفاتها من مواد كيماوية خطيرة ملوثة للبيئة وسامة للكائنات الحية ببحيرة المنزلة واصبحت البحيرة عبارة عن بركة من المياه الراكدة الملوثة مما أدى إلى انقراض جميع أنواع الأسماك الفاخرة وانعدام الأسماك القاعية.

التلوث البترولى الناتج عن أعمال التنقيب لاستخراج الغاز بالبحر الأبيض المتوسط أدى إلى نفوق الأسماك فى الأعماق بالإضافة إلى الزيوت التى تقذف بها السفن العابرة لقناة السويس على سطح مياه البحر.

ومن الجدير بالذكر أن بحيرة المنزلة تعتبر من أهم مصادر الأسماك فى جمهورية مصر العربية ويعتمد على إنتاجها سكان 3 محافظات (بورسعيد ـ دمياط ـ الدقهلية) وتنقسم الأسماك بها إلى نوعين: 1 ـ أسماك مياه مالحة (مثل البورى ـ الطوبار ـ القاروص المنقط).. 2 ـ أسماك مياه عذبة (مثل البلطى الأخضر ـ البلطى الأبيض ـ القرموط).

والمزراع السمكية نوعان داخل بحيرة المنزلة أو داخل نطاق محمية أشتوم الجميل فهناك مزارع مرخصة من هيئة تنمية الثروة السمكية حيث نشأت هذه المزارع بعد إنشاء الطريق الدولى الساحلى الجديد حيث تسبب هذا الطريق فى استقطاع جزء من المسطح المائى لبحيرة المنزلة تبلغ مساحته حوالى 17 كم2 فى شمال البحيرة. وقامت هيئة تنمية الثروة السمكية بتقسيم مساحة 11 كم2 من هذه المنطقة والمحصورة بين الطريق الساحلى الدولى وطريق بورسعيد ـ دمياط وتأجيرها كمزارع سمكية مرخصة تقع من هذه المنطقة مساحة 0.75 كم2 (150 فدانا) داخل حدود محمية أشتوم الجميل. وتستخدم هذه المزارع المياه التى تدخل إلى هذه المنطقة عن طريق فتحة تصل بينها وبين منطقة المثلث ولا يوجد بهذه المنطقة أى مصارف، وقد واجهت المزارعون فى البداية مشكلة عدم دوران المياه وتم التغلب على ذلك بعمل فتحة بالطريق الفرعى الذى يربط بين طريق بورسعيد ـ دمياط والطريق الساحلى عند بوغاز الجميل الجديد.

يقوم بعض المواطنين الذين يعيشون فوق الجزر بمنطقة (المراحات) ببحيرة المنزلة بعمل سدود وجسور حول هذه الجزر واستخدامها كمزارع سمكية غير مرخصة، وتقوم هيئة تنمية الثروة السمكية بإزالة هذه المزارع كل فترة ولكن يعاود السكان إنشائها مرة أخرى.

وتعتمد هذه المزارع على مياه بحيرة المنزلة وتتوقف جودة مياه هذه المزارع على قربها أو بعدها عن المصارف، تبلغ مساحة هذه المزارع غير المرخصة حولى 40 كم2 تقريبا.

وتعانى المزارع السمكية التى توجد داخل بحيرة المنزلة (خارج حدود محمية أشتوم الجميل) خاصة فى الجنوب من مشكلة المياه الملوثة حيث تعتمد هذه المزارع على مياه المصارف خاصة فى منطقة مصرف البشتير ومصرف بحر البقر فى الجنوب حيث إن مياه هذه المصارف تمثل صرف صناعى وصحى وزراعى وتكون معدلات التلوث بها عالية جدا.

وحظيت أسماك بحيرة المنزلة بالعديد من الدراسات بداية منذ عام 1926 وحتى عام 2009 واهتمت الدراسات المختلفة بأنواع الأسماك أو الملوثات وتأثيرها عليها وغيرها، وبحيرة المنزلة من أكبر البحيرات الشمالية التى تم اعتبارها «نقطة سوداء» منذ عام 1992 كما تم وصفها فى خطة العمل البيئى لمصر. وتعانى البحيرة من العديد من المخاطر التى تهددها منذ بداية العصر الصناعى لمصر فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى ومن أهمها الصرف الصناعى والصرف الزراعى والصرف الصحى وعمليات التجفيف لمساحات شاسعة منها.

وقد عقدت العديد من المؤتمرات القومية إضافة إلى المشاريع البحثية للتصدى لمشكلة تلوث بحيرة المنزلة منذ عام 1991 حيث عقد المؤتمر القومى لبيئة بحيرة المنزلة دون الوصول إلى أى حل لمشاكل البحيرة كما يتم إهدار المنح الدولية المخصصة لإنقاذ البحيرة ويذكر للسيد الوزير المهندس ماجد جورج أنه قام بنشر تقارير حالة البيئة فى مصر بشفافية كاملة على موقع وزارة البيئة المصرية موضحا التلوث الذى تعانى منه بحيرة المنزلة.

وكان السيد وزير البيئة قد أعلن أن أسماك بحيرة المنزلة أصبحت مسممة نتيجة لصب حوالى 1.5 مليون متر مكعب يوميا عبر مصرف بحر البقر وأن مياه المصرف تستخدم أيضا فى المزارع السمكية وبالتالى أصبحت الأسماك تهدد صحة المواطنين.

وأوضح د. أحمد عبدالعزيز أستاذ النبات بكلية العلوم بجامعة قناة السويس أن العديد من الدراسات تشير إلى تحول الصفات الطبيعية والكيميائية لمياه بحيرة المنزلة إلى الحد الخطر سواء للمياه أو القاع أو بنسبة الكائنات الدقيقة والممرضة إضافة إلى البكتيريا الملوثة للأسماك والعناصر الثقيلة فى لحوم الأسماك التى دقت ناقوس الخطر وأوضحت منذ عام 1990 عدم صلاحية تلك الأسماك للتناول لعدة أسباب منها أن نسبة أملاح الفوسفات والنترات والنيتريت والأمونيا فى مياة البحيرة قد تعدت المقاييس العالمية والمصرية الخاصة بقانون البيئة رقم 4 لعام 1994. وأن العناصر الثقيلة خصوصا الرصاص والنحاس والمنجنيز والزنك فى المياة قد وصلت لنسبة عالية تخطت حدود منظمة الصحة العالمية إضافة إلى أن العناصر الثقيلة فى رسوبيات القاع مثل الرصاص والكادميوم والنحاس والمنجنيز والزنك قد وصلت إلى أعلى المعدلات التى تم تسجيلها خلال العشرين عاما الماضية. أما عن أعداد البكتيريا فى خياشيم ولحوم الأسماك فقد تعدت 500000 فى المللى لتر أما فى لحوم أسماك البلطى فقد وصلت إلى ما يقرب من 400000 فى المللى لتر.

أما نسبة العناصر الثقيلة فى الأسماك فقد وصلت للحد السام خصوصا الرصاص والنحاس والكادميوم حيث سجل الرصاص نسبة مرتفعة كما أثبتت الدراسات الحديثة كذلك النحاس والكادميوم وهو ما يزيد على ثلاثة أضعاف ما سبق تسجيله فى الدراسات السابقة لبعض العلماء فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى.

ويحدد الدكتور أحمد الخولانى عضو مجلس الشعب ببورسعيد المناطق التى توجد بها المزارع السمكية المخالفة بجنوب بورسعيد وهى تعتمد على ماكينات لرفع المياه من مصرف بحر البقر وتقع من أول مشروع ناصر ببحر البقر حتى شادر المعاهدة وهى منطقة ممنوع فيها تماما التصريح بإقامة المزارع السمكية مشيرا إلى أن خطورة الصرف الصحى تأتى فى مرتبة أقل نسبيا من اعتماد المزارع السمكية على مياه تتضمن صرف صناعى من المنطقة الصناعية جنوب بورسعيد التى تصب مخلفاتها الملوثة فى مياة بحيرة المنزلة مما يزيد من خطورتها لما تحتويه من مواد صلبة سامة وهو الأمر الذى يمثل كارثة على الصحة العامة للمواطن.

وأشار إلى أن المنطقة الأخرى تبدأ من قرية أم خلف حتى مدينة القنطرة مؤكدا تواطؤ الإدارة الزراعية التى تسمح بإقامة مزارع سمكية على أراضى زراعية، بالإضافة إلى وجود مزارع بمنطقة بالوظة ورمانة بشرق بورسعيد وبالغرب بالقرب من الطريق الدولى الدائرى الساحلى.

وطالب بضرورة تفعيل دور هيئة الثروة السمكية وشرطة المسطحات المائية بالتنسيق مع جهاز شئون البيئة فى القيام بحملات مكثف مشتركة لمتابعة المزارع السمكية المرخصة والإشراف عليها لمعرفة مدى التزامها بشروط الترخيص الممنوح لها وإزالة المخالفة.

وأكد الدكتور محمود عامر ـ المستشار البيئى لاتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية أنه لم يتم القيام بأى عملية لتطهير وتكريك بواغيز منطقة الجميل منذ عام 1995 وذلك على الرغم من كثرة المنح الدولية لبحيرة المنزلة مما تسبب فى زيادة الإطماء وتراكم الرمال مما أدى ـ نتج عنه ـ لإعاقة حركة المياه لدخول البحيرة والعكس وأيضا دخول الأسماك كما أشار إلى تعرض قناة الاتصال بجنوب بورسعيد للطمى وارتفاع منسوب الرمال بها فى قاعها، ولم يتم تطهيرها مما أثر على حركة المد والجزر بين البحيرة ومياه قناة السويس كما اقترح عمل قناة اتصال أخرى جديدة عند الكيلو 16 أو 21 جنوب بورسعيد.

وكشف عن أن مصانع منطقة الاستثمار تقوم باستخدام مياه الشرب فى مغاسلها بوحدات الغسيل والصبغة التى تستخدم الكيماويات والانزيمات لتثبيت الألوان والمواد المحرمة دوليا حيث توجد محطة رفع داخل منطقة الاستثمار تقوم برفع مخلفاتها وتلقى بها خام فى محطة 10، إس 10 الموجودة بمنطقة القابوطى التى بدورها بدون معالجة فى قناة الاتصال.